في عام 2021، قال لويد أوستن وزير الدفاع الأمريكي السابق في إدارة جو بايدن، إنه لا ينوي الانضمام إلى جماعات الضغط بعد مغادرة منصبه.
لكنه وبعد أقل من ستة أشهر من مغادرة المنصب، أسس شركة استشارية استراتيجية جديدة تحمل اسم “كلاريون استراتيجيز”، تهدف إلى تقديم استشارات للعملاء في ظل الاضطرابات الجيوسياسية الناجمة عن الحرب في أوكرانيا، بالإضافة إلى تحولات التجارة العالمية والتحالفات الجديدة بين خصوم الولايات المتحدة مثل روسيا والصين وكوريا الشمالية.
ووفقا لموقع “ريسبونسبول ستيت كرافت” تستهدف هذه الشركة بوضوح قطاع الصناعات الدفاعية، ويشارك في تأسيسها كبار مسؤولي إدارة بايدن السابقين، مثل وزير شؤون المحاربين القدامى السابق دينيس ماكدونو، ومساعد وزير الدفاع لشؤون الأمن في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، إيلي راتنر، والمندوبة الأمريكية السابقة لدى حلف شمال الأطلسي “الناتو”، جوليان سميث.
ورغم وجود فترة “تجميد” قانونية تمنع المسؤولين التنفيذيين من ممارسة الضغط المباشر على وكالاتهم السابقة، إلا أن أوستن استغل ثغرة تسمى “الاستشارة الاستراتيجية” التي تتيح له تقديم المشورة دون ممارسة الضغط المباشر، ما يسمح له بالتعاون مع شركات دفاعية دون خرق القانون.
ويعود الفضل في تمهيد الطريق لهذا النوع من الممارسات إلى الرئيس دونالد ترامب، الذي ألغى في اليوم الأول من ولايته الثانية قرارًا أصدره بايدن لمنع المسؤولين الكبار من استغلال هذه الثغرات.
هذا الإلغاء سهّل انتقال مسؤولي إدارة بايدن السابقين إلى مناصب مربحة في القطاع الخاص بسرعة غير مسبوقة، وهو ما وصفه خبراء اللوائح الأخلاقية بأنه “هدية ضخمة” لمسؤولي بايدن السابقين، حيث يشجع القانون الحالي على هذا النوع من الضغط الخفي.
لم يكن أوستن الوحيد في هذا الاتجاه، فقد بدأ عدد من مسؤولي الدفاع السابقين في إدارة بايدن بالسير على نفس المنوال. وعلى سبيل المثال، أصبح فايق رضا، مسؤول التنسيق بين البنتاغون والكونغرس لشؤون المشتريات، مستشارًا بارزًا في شركة استشارات تعمل مع عدة شركات دفاعية كبرى.
كما أسس دوغ بوش، رئيس شؤون المشتريات في الجيش الأمريكي، شركته الخاصة المتخصصة في العقود الحكومية والأمن القومي. وانضم ديريك شوليت، كبير موظفي أوستن سابقًا، إلى بنك جيه بي مورغان تشيس لرئاسة مركز الجغرافيا السياسية الذي يقدم تحليلات واستشارات لصالح شركات دفاعية مثل “لوكهيد مارتن”.
أما بريت ماكغورك، كبير مستشاري بايدن لشؤون الشرق الأوسط، فقد انضم بعد ثلاثة أسابيع فقط من مغادرته منصبه إلى شركة “لكس كابيتال” كشريك استثماري في تقنيات الأسلحة، خاصة الأسلحة ذاتية التشغيل، كما عمل محللًا في شبكة “سي إن إن” للشؤون الدولية.
أما بعض مسؤولي الدفاع السابقين فلم يمروا عبر شركات استشارية بل انضموا مباشرة إلى شركات دفاعية كبرى، مثل بيل لابلانتي وفرانك كالفيللي الذين عُينوا في مجلس أمناء شركة أيروسبيس كوربوراشن.
هذا التدفق السريع لمسؤولي البنتاغون السابقين نحو عالم الشركات الدفاعية والاستشارات السياسية يكشف أن ما يُعرف بـ”الباب الدوار” لم يكن فقط مفتوحًا، بل تم تزيينه ببطاقة ترحيب تقول: “أهلًا بكم في صناعة الحرب”، حيث يستفيد كبار المسؤولين السابقين من خبراتهم وعلاقاتهم لتأمين مناصب مربحة في قطاع الدفاع الذي يشهد توسعًا مستمرًا.
aXA6IDUxLjkxLjIyNC4xNDQg جزيرة ام اند امز