زيارة دولة يبدأها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اليوم الثلاثاء إلى بريطانيا، هي الأولى من نوعها منذ 17 عاما.
ماكرون سيحظى باستقبال من الملك تشارلز الثالث، قبل أن تجمعه قمة مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر تركّز على الهجرة والدفاع.
وبعد الجمود الذي خيّم على العلاقات بين البلدين إثر انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وفي ظل الحكومات المحافظة السابقة، تأتي هذه الزيارة في أجواء أكثر دفئا بين البلدين بعد عودة حزب العمّال إلى رئاسة الحكومة البريطانية العام الماضي.
وساهمت الحرب في أوكرانيا التي أعادت الرهانات الدفاعية والأمنية إلى قلب الاهتمامات الأوروبية في هذا التقارب بين الحليفين اللذين يعتبران أكبر قوّتين عسكريتين في القارة يمتلكان كلاهما السلاح النووي.
ويستضيف الملك تشارلز الثالث الرئيس الفرنسي مساء الثلاثاء على مأدبة عشاء من المرتقب أن يتم التركيز خلالها على “التهديدات المعقّدة الآتية من كلّ الاتجاهات التي تواجه البلدين”.
وتعدّ زيارة الدولة هذه، وهي الأولى منذ زيارة الرئيس نيكولا ساركوزي في 2008، الأولى لزعيم أوروبي منذ تولّي تشارلز العرش ووصفتها الحكومة البريطانية الإثنين بـ”التاريخية”.
وينظر إليها من الجانب الفرنسي على أنها مؤشر إلى “إعادة تقارب” حول “مصالح مشتركة” في سياق “إعادة إطلاق” أوسع نطاقا للعلاقات يريد رئيس الوزراء العمّالي كير ستارمر تحقيقها مع الاتحاد الأوروبي.
وفي الشقّ السياسي، من المرتقب عقد قمّة ثنائية بين ستارمر وماكرون الخميس لإرساء تعزيز التعاون في مجال الدفاع ومكافحة الهجرة غير النظامية.
استعراض عسكري
وسيكون ولي العهد البريطاني الأمير وليام وزوجته كايت في استقبال الرئيس الفرنسي وزوجته بريجيت ماكرون عند وصولهما قبيل الظهر إلى قاعدة نورثولت العسكرية، حيث سيتوجّهون معا إلى قصر ويندسور في غرب لندن ليستقبلهما العاهل البريطاني الملك تشارلز الثالث المعروف بحبّه للثقافة الفرنسية وزوجته كاميلا، بعد حوالى سنتين من زيارة الدولة التي قاما بها إلى فرنسا.
وسيكون اليوم الأول من الزيارة حافلا بالمراسم الاحتفالية في أجواء ملكية مع مسيرة في عربة تجرّها خيول واستعراض للجنود ومأدبة عشاء رسمية في القصر الملكي.
وفي تكريم نادر من نوعه، يلقي ماكرون خطابا في برلمان ويستمنستر أمام أعضاء مجلسي اللوردات والعموم المجتمعين في القاعة الملكية.
ومن المقرّر أن يجتمع ماكرون بستارمر في اليوم التالي ويشارك في فعالية حول الذكاء الاصطناعي وفي مأدبة عشاء في حيّ المال والأعمال في لندن.
وفي الملفّ الاقتصادي، تأمل باريس إحراز تقدّم في مشروع المحطة النووية “سايزويل سي” الذي ما زال بانتظار قرار نهائي بشأن الاستثمار.
وتتخلّل زيارة ماكرون أيضا محطّة جولة المتحف البريطاني.
والخميس، ينضمّ إلى ماكرون وستارمر عدّة وزراء في قمّة ثنائية يؤمل منها تحقيق تقدّم لا سيما في ملفّ الدفاع.
وتتمحور القمّة حول سبل التكيّف مع الرهانات الأمنية الجديدة، لا سيّما منها التهديد الروسي، في إطار اتفاقات لانكستر هاوس المبرمة سنة 2010 والتي تعدّ العمود الفقري للتعاون العسكري بين البلدين.
أوكرانيا والهجرة
ويترأس سترامر وماكرون المصممان على الضغط لحلحلة العقدة الأوكرانية اجتماعا عبر الفيديو لبلدان “تحالف العزم” الذي أنشئ لضمان أمن أوكرانيا في حال إقرار وقف لإطلاق النار.
ولا تزال هذه المبادرة التي أبصرت النور في مارس/آذار الماضي رهن المفاوضات التي أطلقت بين الطرفين برعاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ويعقد الجانب البريطاني من جهته آمالا كبيرة على إحراز تقدّم في مجال مكافحة الهجرة غير النظامية بعد وصول عدد قياسي من المهاجرين عبر المانش منذ يناير/كانون الثاني الماضي.
وتضغط لندن منذ أشهر من أجل أن تنفّذ قوى الأمن الفرنسية عمليات في المياه لصدّ الزوارق.
وبموجب قانون البحار، لا تتدخّل السلطات الفرنسية حاليا في المياه إلا لتنفيذ عمليات إسعاف غير أن باريس كشفت أنها تعمل على تطوير مبادئ جديدة في هذا الصدد.
وقال ناطق باسم الحكومة البريطانية الإثنين “نأمل أن يدخل ذلك حيّز التنفيذ قريبا”.
وتناقش لندن وباريس أيضا فكرة تبادل مهاجرين. غير أن وسائل إعلام بريطانية أفادت بأن هذا المقترح يثير قلق عدّة بلدان أوروبية تخشى أن تعيد فرنسا هؤلاء المهاجرين لاحقا إلى أوّل بلد وصلوا إليه في الاتحاد الأوروبي.
aXA6IDUxLjkxLjIyNC4xNDQg جزيرة ام اند امز