شكرا على قرائتكم خبر عن هل تفتح دمشق قنوات السلام مع تل أبيب؟.. الجولان في قلب المعادلة
أثارت تصريحات زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لابيد، خلال مقابلة تلفزيونية مع الإعلامي عماد أديب عبر قناة “سكاي نيوز عربية”، جدلًا واسعًا، بعدما قال إن “مرتفعات الجولان على طاولة مفاوضات مستحيلة”، معتبرًا أن “سوريا بلد مدمر بحاجة إلى إعادة إعمار ومساندة دولية، وليس من الصحي الانخراط في صراع جديد”، مضيفًا: “إسرائيل تسيطر على الجولان منذ وقت أطول بكثير من فترة سيطرة السوريين عليها”.
جاءت تصريحاته ردًا على سؤال حول كيفية مطالبة إسرائيل بالسلام مع سوريا في ظل استمرار احتلالها للجولان، الأمر الذي أعاد فتح ملف الصراع السوري الإسرائيلي، وطرح تساؤلات حول مدى إمكانية التوصل إلى تسوية شاملة، أو بقاء قضية الجولان ورقة مؤجلة.
تسريبات
وفي تطور لافت، كشفت قناة “i24NEWS” الإسرائيلية، يوم الجمعة، عن تسريبات منسوبة إلى مصدر سوري “مقرّب من الرئيس أحمد الشرع”، تفيد بوجود سيناريوهين مطروحين لاتفاق سلام محتمل بين سوريا وإسرائيل، وصفته القناة بـ”التاريخي”، مؤكدة أن “الاتفاق لن يكون مجانيًا”.
وبحسب التسريبات، تطالب دمشق بالحصول على ما لا يقل عن ثلث مساحة الجولان المحتل، كجزء أساسي من أي اتفاق سلام مع إسرائيل.
تفاصيل السيناريوهين المقترحين:
السيناريو الأول: تقسيم الجولان إلى ثلاث مناطق:
- تحتفظ إسرائيل بثلث المناطق الحيوية استراتيجيًا.
- تُعاد ثلث المساحة للسيادة السورية.
- يُستأجر الثلث المتبقي لصالح إسرائيل لمدة 25 عامًا.
السيناريو الثاني: تبقي إسرائيل على ثلثي الهضبة، وتعيد الثلث المتبقي لسوريا، مع إمكانية عقد ترتيبات تأجير مشابهة.
وأشار المصدر إلى أن الرئيس أحمد الشرع أبدى “انفتاحًا غير مسبوق” للتواصل المباشر مع الجانب الإسرائيلي، خاصة في ما يتعلق بالتنسيق الأمني والعسكري في الجنوب السوري.
كما اعتبر أن استعادة أي جزء من الجولان، حتى تلك التي سيطرت عليها إسرائيل بعد انهيار النظام السابق، تُعد ضرورية لكسب دعم الشارع السوري لأي اتفاق محتمل.
شرط الجولان لسلام مستدام
أكد المصدر أن استرجاع أجزاء من الجولان يمثل مطلبًا تفاوضيًا وشرطًا سياسيًا وشعبيًا، مشددًا على أن أي اتفاق لا يتضمن مكاسب ملموسة في ملف السيادة سيواجه رفضًا شعبيًا واسعًا في الداخل السوري.
المواقف الرسمية
حتى لحظة نشر هذا التقرير، لم يصدر أي تعليق رسمي من الجانب السوري أو الإسرائيلي بشأن هذه التسريبات.
من جهته، قال وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، في تصريحات لصحيفة “يديعوت أحرونوت”، إن بلاده منفتحة على توسيع اتفاقيات إبراهيم لتشمل دولًا مثل سوريا ولبنان، لكنه شدد في الوقت ذاته على أن مرتفعات الجولان “خارج أي تفاوض”.
خبراء: الواقع يفرض تنازلات متبادلة ومسار السلام سيكون تدريجيًا
من جانبه، رأى رئيس مركز “استراتيجيًا” للدراسات الدكتور فراس النائب، في تصريح لـ”سكاي نيوز عربية”، أن الطرفين أصبحا أكثر نضجًا سياسيًا بعد سنوات من الاضطرابات، مؤكدًا أن تحقيق سلام واقعي يتطلب تنازلات متبادلة، وأن المعضلة الأساسية تكمن في ملف الجولان.
وأضاف: “إذا أرادت الحكومة الإسرائيلية تحقيق مكسب سياسي كبير، فعليها أن تقدم تنازلات حقيقية”، مشيرًا إلى أن سلامًا لا يعيد بعض الحقوق السورية سيبقى هشًا وغير مقبول شعبيًا أو إقليميًا.
بدوره، قال الدكتور بسام بربندي، الباحث في مركز الدراسات الدولية، إن الحديث عن اتفاق شامل لا يزال سابقًا لأوانه، مرجحًا أن يتم المسار عبر مراحل تبدأ باتفاق “عدم اعتداء”، بضمانات أمريكية وخليجية.
وأشار إلى أن سوريا، كدولة خارجة من حرب أهلية طويلة، تسعى أولًا إلى إعادة بناء مؤسساتها وتحقيق الاستقرار الداخلي، موضحًا أن الكرة في ملعب إسرائيل الآن، خاصة إذا أرادت دفع العملية قدمًا بخطوات مثل وقف التجاوزات في مناطق التماس، أو الانسحاب من نقاط متنازع عليها بالقنيطرة.
وختم بربندي بالقول: “السلام لن يتم بالقفز مباشرة إلى التطبيع، بل عبر بناء الثقة تدريجيًا”.