شكرا على قرائتكم خبر عن “مليش بديل” عمرو دياب.. نشيد عاطفي لي ولك
في زمن يمر فيه الفن كنسمة عابرة في لحظة حب أو لحظة ألم، يخرج عمرو دياب بأغنية واحدة فقط، فيعيد بها ترتيب مشاعرنا كما لو أنه يكتب فصولًا جديدة من حياتنا.
“مليش بديل” ليست مجرد أغنية، بل مشهد صوتي متكامل يعبّر عن حالة من الثبات العاطفي، واليقين المُطلق بأن بعض الأشخاص لا بدائل لهم، لا في الحب ولا في الوجع.
العبارة التي تلخّص الأغنية، “اللي له بديل ملوش سعر”، خرجت من فم الهضبة كأنها تلخّص مشاعر صامتة سكنت قلوب العاشقين ولم تجد طريقًا للخروج. ليست جملة عابرة بل موقف، ليست نغمة بل مبدأ، تُقال بصوت هادئ لكنه مشحون، فيه كل ما لم يُقال في رسائل الحب الخجولة.
عمرو دياب، كما اعتدناه، لا يُغني فقط، بل يروي قصصًا، وأغنية “مليش بديل” تبدو كأنها فصل من رواية طويلة، فصل كتبه رجل قرر ألا يُساوم على ما يحب، رجل يفهم أن “البديل” لا يُقاس بالقيمة المادية بل بالأثر، بالذكريات، بالعين التي رأته في أسوأ حالاته ولم تبتعد.
ما يُدهشك دائمًا في أغاني عمرو دياب، هو ذلك المزيج الساحر بين الكلمات البسيطة والمشاعر الثقيلة. كل مفردة في الأغنية تخبرك أن هذا الصوت يعرفك، يعرف ما مررت به، ويُحسن التعبير عنك.
كأن صوته جاء ليقول بدلًا عنك ما لم تجرؤ على قوله، وليمنحك جرعة دفء وسط هذا الضجيج العاطفي الذي لا يهدأ.
“مليش بديل” لا تندرج فقط تحت قائمة الأغاني الرومانسية، بل يمكن اعتبارها نشيدًا داخليًا لمن تعب من المقارنات، وملّ من فكرة الاستغناء، وتشبّث بما تبقّى له من يقين.
هي أغنية تُقال للذين اختاروا الثبات وسط موجات التبديل، وللذين لا يزالون يؤمنون أن في القلب أماكن لا يسكنها سوى من خُلقوا لها.
صوت عمرو دياب في هذه الأغنية لم يكن صدىً لنغمة، بل كان ضميرًا ناطقًا لعشّاق لا يتقنون التعبير، وعنوانًا لحالة لا يعرفها سوى من تذوّقوا حلاوة الاحتفاظ في زمن التخلّي.
في “مليش بديل”، يُثبت الهضبة من جديد أنه ليس مجرد فنان… بل ظاهرة شعورية، حالة متجددة تمشي على الأرض وتغني بصوتك، وتبكي عنك، وتبتسم بدلًا منك، كلما عجزت الكلمات عن قول الحقيقة.
عندما غني الهضبة في “مليش بديل” وقال “هاتفتكرني بالأماكن اللي روحناها سوا، هاتفتكرني استحالة حبنا يروح في الهوا”.
فمَن قال إن الأغنية تنتهي عند آخر نغمة؟
بعض الأغاني تبدأ من عندنا نحن.. حين ندرك أن “مليش بديل” لم تكن له فقط، بل كانت لنا جميعًا.