مع تصاعد المخاوف من الوجود الروسي على حدود أوروبا الشرقية، يتنامى إدراك قادة الاتحاد الأوروبي لحجم الفجوة في الاستعدادات الدفاعية للقارة.
وفيما تواصل موسكو تعزيز ترسانتها العسكرية بوتيرة متسارعة، أطلق المسؤولون الأوروبيون دعوات عاجلة لزيادة الإنتاج وتبني تقنيات جديدة، في محاولة لسد الفجوة مع روسيا وأوكرانيا اللتين سبقتا أوروبا بأشواط في هذا المجال.
سباق التسلح المسيّر: أوروبا في مواجهة اختبار الجاهزية
ووفقا لموقع بيزنس إنسايدر، دعا أندريوس كوبيليوس، المفوض الأوروبي لشؤون الدفاع والفضاء، دول الاتحاد الأوروبي إلى رفع إنتاج الطائرات المسيّرة إلى ملايين الوحدات سنويًا بحلول عام 2030، في خطوة تعكس حجم القلق من التأخر الأوروبي مقارنة بخصومها.
وأشار إلى أن أوكرانيا تمكنت وحدها من تسليم أكثر من 1.3 مليون طائرة مسيّرة لجيشها خلال عام 2024، في حين لا تزال القدرات الأوروبية متواضعة نسبيًا.
ويؤكد خبراء الدفاع أن الحاجة الأوروبية لإعادة التسلح ليست اكتشافًا جديدًا، بل إن المقلق هو بطء استجابة بعض العواصم الأوروبية، رغم وضوح التهديدات.
ويشير كير جايلز، الزميل الاستشاري في معهد تشاتام هاوس، إلى أن الوعي بأهمية إعادة التسلح لم يترسخ بعد بشكل متساوٍ في جميع أنحاء أوروبا، ما يهدد بتأخير الاستجابة الجماعية المطلوبة.
دروس أوكرانيا: الابتكار والسرعة في حرب المسيّرات
كشفت الحرب في أوكرانيا عن التحول الجذري الذي أحدثته الطائرات المسيّرة في ساحات القتال.
فمن الطائرات البسيطة التي تُقاد بمنظور الشخص الأول (FPV)، إلى الذخائر المتسكعة المتقدمة وأنظمة الضربات الموجهة بالذكاء الاصطناعي، نجحت أوكرانيا في ابتكار أشكال جديدة من حرب المسيّرات.
وتؤكد كاتيا بيغو، الباحثة في تشاتام هاوس، أن النجاحات الأوكرانية أظهرت إمكانية زيادة الإنتاج بسرعة إذا وُجدت الحاجة، وهو الدرس الذي بدأت أوروبا في استيعابه مؤخرًا.. إلا أن الفجوة لا تزال كبيرة، إذ تنتج روسيا وأوكرانيا طائرات بدون طيار بأعداد تفوق إنتاج الاتحاد الأوروبي بأضعاف مضاعفة.
التعاون مع أوكرانيا: ضرورة استراتيجية
في ظل هذا التأخر، يتزايد اهتمام الدول الأوروبية بالتعاون مع أوكرانيا واستيراد خبراتها وأنظمتها في مجال الطائرات المسيّرة.
ويشدد خبراء الدفاع على أن تحقيق وتيرة الإنتاج المطلوبة لن يكون ممكنًا دون شراكة وثيقة مع كييف، التي باتت مختبرًا حيًا للابتكار العسكري في هذا المجال.
وأشار التقرير إلى أن الدافع الأوروبي نحو تصنيع الطائرات المسيّرة لا يقتصر على مواجهة التهديدات الحالية، بل يهدف أيضًا إلى القفز نحو تقنيات ستحدد طبيعة النزاعات المستقبلية، فالمسيّرات الصغيرة أرخص بكثير من الأسلحة التقليدية ويمكن إنتاجها بسرعة أكبر، لكن اغتنام هذه الفرصة يتطلب أكثر من مجرد بناء مصانع.
ويشير الخبراء العسكريون إلى أن الوصول إلى مستوى فعّال من الردع والدفاع يشمل أيضًا اختبار النماذج الأولية، وتدريب المشغلين، وتحديث المفاهيم العملياتية، ودمج الطائرات بدون طيار في سلاسل الإمداد والتشكيلات القتالية.
كما يتطلب الأمر عقلية جديدة قائمة على التعاون بين الجيوش وشركات التكنولوجيا المرنة، وغالبًا ما تكون هذه الشركات ناشئة أو غير تقليدية في تعاملها مع القطاع العسكري.
مخاطر الاعتماد المفرط والتحديات التقنية
ويحذر الخبراء من المبالغة في الاعتماد على الطائرات المسيّرة الصغيرة باعتبارها الحل السحري، مؤكدين استمرار الحاجة إلى المنصات الكبيرة مثل الطائرات المقاتلة.
كما تواجه أوروبا تحديًا آخر في سعيها لتحقيق “الاستقلال الاستراتيجي” في مجال الدفاع، يتمثل في اعتمادها على التكنولوجيا الأجنبية، خاصة المكونات الأساسية التي لا تزال تُنتج في الصين. ويشدد الخبراء على ضرورة تنويع سلاسل التوريد أو إعادة إنتاج هذه المكونات داخل حدود أوروبا.
aXA6IDUxLjkxLjIyNC4xNDQg جزيرة ام اند امز