شكرا على قرائتكم خبر عن حين تمنحنا الحياة فرصة ثانية
كثيرًا ما نظن أن بعض الأبواب إذا أُغلقت لا تُفتح من جديد.
وأن الفرص إذا ضاعت لن تعود.
وأننا إذا أخطأنا فلا طريق للرجوع.
لكن أحيانًا تتفاجأ بأن الحياة لها رأي آخر.
وأن هناك لحظة يجلب فيها الزمن ما ظننتَه مستحيلًا .
أتذكّر ذلك المساء البعيد.
عندما تركت يدًا كنت أظنها أماني الوحيدة.
وغادرت طريقًا كنت أراه أكثر الطرق أمانًا.
أغلقت الباب ومضيت مقتنعة بأن القصة انتهت.
لكن الأيام حملت لي مفاجأتها على مهل
في اللحظة التي ظننت فيها أن النسيان صار سكنًا لي.
وجدت اسمي مكتوبًا من جديد على صفحة قلبٍ آخر .
وجاء من ينظر إليّ وكأنني أول ضوء للفجر.
فأدركت أن النهايات ما هي إلا بدايات تُخفي وجهها حتى حين.
الفرصة الثانية ليست لمن ينتظر فقط.
إنما لمن يجرؤ على المسامحة.
على الاعتراف بأن الحياة لا تسير دومًا في خط مستقيم.
وأننا أحيانًا نحتاج أن نتعثّر كي نتعلّم المشي من جديد.
أحيانًا يكون الدرس في أننا نستحق أكثر.
وأننا نستطيع أن نحب من جديد ونفرح من جديد.
وأن نترك الأبواب التي أغلقت وراءنا حتى نجد نوافذ أرحب وأوسع.
ما أروع أن نعود بأنفاس أكثر هدوءًا وعيون أكثر حكمة.
ما أبهج أن نجد أنفسنا نغني ألحانًا لم نكن نعرفها من قبل.
وما أصدق من أن نُعطي قلبنا مساحة ليتعافى ثم يُزهر من جديد.
هكذا نكتشف أن الحياة أحيانًا لا تعاندنا بقدر ما تمتحننا.
وأن ما حسبناه نهاية كان مجرد وقفة لالتقاط الأنفاس.
وما خفنا أن نفقده لم يكن من حقنا من الأساس.
وأن أكثر ما نحتاجه حقًا هو أن نصدق أننا نستحق ذلك النور الذي يأتي بعد الظلام.
في النهاية..
الفرصة الثانية ليست هدية من الحياة فقط.
إنما هي وعد من قلبك لنفسك.
بأنك لن تتوقف عن المحاولة من جديد.
وبأنك لن تبقى سجينًا لقصص انتهت.
ما دمت على قيد الأمل.
وربما كان أجمل ما في الفرصة الثانية أنها تأتينا على هيئة أشياء بسيطة لا نتوقّعها رسالة قصيرة من شخص كان بعيدًا لحظة هدوء مع النفس تكشف لنا كم تغيّرنا من الداخل أو حتى وجه مألوف نراه في الطريق يمنحنا إحساسًا بأننا لسنا وحدنا.
نعود أحيانًا إلى حياتنا بروح مختلفة تمامًا كأننا ولدنا من جديد نحب ذواتنا أكثر ونتصالح مع ندوبنا وأخطائنا وندرك أن القوة ليست في أن نكون كاملين بل أن نُكمل طريقنا رغم ضعفنا وخوفنا.
الفرصة الثانية، تساعدنا أن نتذكر من كنّا وماذا نريد أن نصير عليه فتمنحنا دافعًا لنغيّر مسارنا أو نختار وجهة أخرى أكثر صدقًا وأكثر قربًا من قلوبنا هكذا نرى الطرق التي لم نكن ننتبه إليها من قبل ونمنح الآخرين من حبنا واهتمامنا أكثر من أي وقت مضى.
ربما لذلك لا ينبغي أن نخاف من البدايات الجديدة مهما بدت صعبة ولا من ترك الأبواب القديمة وراءنا مهما بدت مألوفة ومريحة فالفرصة الثانية ليست مجرّد صفحة بيضاء نكتب فيها من جديد بل هي مرآة صادقة تساعدنا أن نرى أنفسنا بوضوح وأن نتحرّر من كل ما كان يمنعنا من أن نحيا حياة نختارها بأنفسنا.
فالحياة، كما نتعلم على مهل ليست مجرّد رحلة نسير فيها بخطوات محسوبة، بل هي مجموعة من المحاولات والتجارب التي تصقلنا وتمنحنا حكمة أعمق وفرصة أن نحبّ بصدق أكثر ونغفر برحمة أوسع ونعود كلّما ضاقت بنا الدروب إلى حيث نجد أنفاسنا أكثر خفّة وقلوبنا أكثر شغفًا.