رسائل ودلالات مهمة تحملها مشاركة الإمارات في قمة بريكس، سواء على صعيد العلاقات الثنائية مع البرازيل، أو تعاظم مكانتها الدولية.
وتعد هذه ثاني مشاركة إماراتية في قمة دولية كبرى تستضيفها البرازيل خلال 8 شهور، بعد مشاركتها في قمة مجموعة العشرين نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
ومثل دولة الإمارات في القمتين، الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نيابة عن الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات.
وتعتبر دولة الإمارات مجموعة “بريكس” منتدى فريداً يجمع رؤى متنوعة، ويعزز بناء التوافق، ويُمكِّن من تقديم استجابات للتحديات المشتركة، وتعزيز الحوار الشامل والتعاون الاقتصادي بما يسهم في دعم السلام والاستقرار في العالم، مما يعكس التزام دولة الإمارات طويل الأمد بالدبلوماسية البناءة.
مباحثات مهمة
تُعد مشاركة دولة الإمارات في القمة، محطة هامة في طريق تعزيز العلاقات مع البرازيل.
وبحث الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، ورئيس البرازيل لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، سُبل تعزيز العلاقات الثنائية، انطلاقاً من الروابط التاريخية الراسخة التي تجمع البلدين، وتشكل قاعدة متينة لتوسيع التعاون في القطاعات الحيوية، بما يدعم أهداف التنمية المستدامة ويخدم المصالح المشتركة للشعبين الصديقين.
جاء ذلك خلال استقبال الرئيس البرازيلي للشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان على هامش أعمال القمة الـ 17 لقادة دول مجموعة “بريكس”.
وأكد الرئيس البرازيلي خلال اللقاء متانة العلاقات الثنائية بين جمهورية البرازيل الاتحادية ودولة الإمارات العربية المتحدة.
بدوره، أكد الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، اعتزاز دولة الإمارات بعلاقاتها الاستراتيجية مع جمهورية البرازيل الاتحادية التي تمثل نموذجاً متقدماً لشراكة نوعية تشكلت عبر عقود من التعاون المتواصل، على أسس من الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.
وأشار إلى أن هذا المسار المشترك، الممتد لأكثر من خمسين عاماً جاء ثمرة قيادة واعية حرصت على تطوير التعاون في القطاعات الحيوية بما يخدم تطلعات البلدين نحو تنمية مستدامة وشاملة تعود بالنفع المباشر على شعبي البلدين الصديقين.
وشهد اللقاء استعراض مسار العلاقات الثنائية بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية البرازيل الاتحادية، وما تميزت به على مدى أكثر من خمسة عقود من تنسيق متواصل وتعاون مثمر، مدعوم برغبة مشتركة من قيادتي البلدين لتطوير هذه الشراكة نحو مستويات أكثر شمولا وفاعلية، خصوصاً في القطاعات ذات الأولوية، بما يخدم المصالح المشتركة ويواكب متطلبات التنمية.
وكان ولي عهد أبوظبي، قد وصل إلى البرازيل ، أمس السبت، على رأس وفد دولة الإمارات المشارك في أعمال القمة الـ17 لقادة دول مجموعة “بريكس”، التي تُعقد يومَي 6 و7 يوليو/ تموز الجاري في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية، وذلك نيابة عن الشيخ محمد بن زايد آل نهيان. وانضمت دولة الإمارات إلى مجموعة “بريكس” خلال القمة الـ15 لقادة دول المجموعة التي عقدت في جوهانسبرغ، جمهورية جنوب إفريقيا، في أغسطس/ آب 2023.. إيماناً منها بأهمية العمل متعدد الأطراف وتعزيز الحوار البناء من خلال منصات فاعلة تمثل الاقتصادات النامية والناشئة على المستوى الدولي، بما يدعم قيم التعددية الثقافية في السلام والأمن والتنمية على الصعيدين الإقليمي والعالمي.
العلاقات الثنائية
ويرتقب أن تسهم زيارة ولي عهد أبوظبي للبرازيل التي تعد الثانية خلال 8 شهور، في تعزيز الشراكة الإستراتيجية التي تربط البلدين ودفع مسيرة التنمية المستدامة، وتحقيق مزيد من الازدهار والتقدم لكلا البلدين.
وشاركت الإمارات كضيف في قمة مجموعة العشرين بدعوة من البرازيل تقديرا لمكانتها ودورها الإقليمي والدولي المتصاعد في مختلف المجالات، وتتويجا للعلاقات الثنائية المتنامية مع البرازيل.
وأقيمت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين بتاريخ 26 مايو/ أيار عام 1974، وافتتحت سفارة البرازيل في أبوظبي عام 1978، في حين افتتحت الإمارات سفارتها في برازيليا عام 1991 لتكون أول سفارة للدولة في أمريكا الجنوبية، كما تم افتتاح قنصلية الإمارات العامة في ساو باولو في مارس/آذار 2017.
وشهدت العلاقات بين البلدين تطورا مضطردا مع اتفاقهما في عام 2019 على الارتقاء بعلاقاتهما الثنائية إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية.
وتعكس الزيارات الرسمية المتبادلة والمستمرة بين كبار المسؤولين في كلا البلدين عمق وصلابة العلاقات الثنائية بينهما والرغبة المشتركة في المضي بها نحو مزيد من التطور والتقدم بما فيه مصلحة الشعبين الصديقين.
وقام رئيس البرازيل لويس إيناسيو لولا دا سيلفا بزيارة للإمارات في ديسمبر/ كانون الأول 2023 للمشاركة في قمة المناخ كوب 28، حيث أجرى مباحثات مع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
واشترك البلدان في إطلاق عدة مبادرات خلال القمة وبعدها لتحقيق أهداف القمة في مواجهة أبرز تحدٍ يواجه البشرية وهو تغير المناخ.
وجاءت زيارة دا سيلفا للإمارات في ديسمبر/ كانون الأول 2023 بعد عدة شهور من زيارة لأبوظبي في 15 إبريل/ نيسان من العام نفسه، حيث أجرى خلالها أيضا مباحثات مع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وشهدت توقيع عدد من مذكرات التعاون في عدة مجالات، وأصدر البلدن بيانا مشرك في ختامها.
زيارات ومباحثات تبرز حرص البلدين على تعزيز العلاقات والشراكة الاستراتيجية التي تربطهما.
ويعزز ذلك تناغم السياسات وتوافق الرؤى بين البلدين تجاه مختلف القضايا.
وتلتزم الدولتان بتعزيز عالم أكثر ازدهاراً وإنصافاً، يتسم بالسلام، والتسامح، والتعايش، والشمول، والتنمية المستدامة. وقد حفّزت هذه النظرة المشتركة البلدين على التعاون الوثيق خلال فترة ولايتهما كأعضاء منتخبين في مجلس الأمن الدولي في الفترة من 2022 – 2023 .
قمة بريكس.. شراكات تتعزز
تأتي مشاركة الإمارات في قمة بريكس بعد مشاركة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي في أعمال القمة الــ16 لقادة دول مجموعة “بريكس” فى مدينة قازان الروسية، في مشاركة هي الأولى لدولة الإمارات في القمة بصفتها عضواً في مجموعة “بريكس”.
وتُعقد القمة – التي تترأسها البرازيل بدورتها لهذا العام تحت شعار “تعزيز التعاون العالمي بين بلدان الجنوب من أجل حوكمة أكثر شمولاً واستدامة” – بمشاركة قادة ورؤساء حكومات عدد من دول المجموعة ورؤساء وفود الدول المدعوة، إلى جانب ممثلي عدد من المنظمات الإقليمية والقارية والدولية.
وألقى الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان كلمة دولة الإمارات ونقل خلالها تحيات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة إلى الدول المشاركة، وتمنياته الصادقة بنجاح أعمال القمة في تعزيز شراكة دولية متوازنة قائمة على التعاون والتنمية والاحترام المتبادل.
وأكد أهمية المجموعة باعتبارها منصة لتعزيز التفاهم وتحقيق التقارب الإستراتيجي لمواجهة التحديات العالمية الملحّة، سواء كانت اقتصادية أو إنسانية أو متعلقة بتصاعد التوترات الجيوسياسية.
وقال إن بناء شراكات قوية قائمة على أسس التنمية المستدامة والازدهار المتبادل سيسهم في خدمة شعوبنا وتعزيز مصالح دولنا.
وشدد على إيمان دولة الإمارات الراسخ بأن الحوار البنّاء والتكامل الاقتصادي من بين أهم الركائز الأساسية لتحقيق الاستقرار الدولي، مؤكدا دعم الدولة لتوسيع المجموعة لنطاق التعاون الاستراتيجي بين الدول والتكتلات الإقليمية والمنظمات الدولية.
وتشارك دولة الإمارات العربية المتحدة في أعمال القمة للمرة الثانية بصفتها عضواً في مجموعة “بريكس”، التي تأسست عام 2009 لتعزيز التعاون السياسي والاقتصادي بين الاقتصادات الناشئة.
رسائل ودلالات
مشاركات مهمة تبرز المكانة الكبيرة لدولة الإمارات وقيادتها وثقلها وأهميتها في المجتمع الدولي، وحضورها الفاعل، وحرصها على تعزيز الحوار والتعاون الدولي لبحث مختلف التحديات الإقليمية والدولية، ونقل تجاربها وخبراتها وتعميم الاستفادة من مبادراتها، والثقة الدولية في رؤاها وسياساتها، ويرسخ مكانتها الاقتصادية والتجارية الدولية كشريك موثوق يربط شمال العالم بجنوبه وشرقه بغربه.
وتؤمن دولة الإمارات بأن الشراكات وحدها قادرة على تخطي تحديات اليوم المركبة والمتداخلة، وأهمها أمن الغذاء والطاقة، وتغير المناخ، والرعاية الصحية، وأنها السبيل الأمثل لتحقيق السلام والأمن والتقدم والرخاء والازدهار والتنمية.
وتحرص دولة الإمارات على تعزيز علاقاتها مع جميع دول العالم، وتولي تعزيز الشراكات مع الدول صاحبة التجارب والخبرات الاقتصادية المتميزة اهتماما استثنائيا، بما يسهم في بناء جسور التواصل والتعاون مع مختلف دول العالم، وبما يحقق المصالح المشتركة ويسهم في جهود التنمية والتطوير والتقدم في شتى المجالات.
شراكات تبرز مكانة دولة الإمارات، وتعد تطبيقا عمليا لمبادئ الخمسين، التي تحدد التوجهات الاستراتيجية للإمارات في مختلف المجالات خلال الخمسين عاما القادمة.
وينص المبدأ الثالث على أن “السياسة الخارجية لدولة الإمارات هي أداة لخدمة الأهداف الوطنية العليا، وعلى رأسها المصالح الاقتصادية لدولة الإمارات، هدف السياسة هو خدمة الاقتصاد، وهدف الاقتصاد هو توفير أفضل حياة لشعب الاتحاد”.
aXA6IDUxLjkxLjIyNC4xNDQg جزيرة ام اند امز