اضطرابات أمنية في كردستان… مواجهات بين القوات الأمنية وزعيم قبلي

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!

شهدت المناطق الجنوبية من محافظة أربيل في إقليم كردستان توتراً أمنياً شديداً، على إثر صدام بين قوات “زيرفاني” الأمنية ومؤيدين للزعيم العشائري خورشيد هركي، بعد رفض الأخير تسليم نفسه، عقب صدور قرار قضائي بذلك، نتيجة مواجهات سابقة قادها مع مناصرين من عشيرة هركي ضد أفراد من عشيرة كوران بقيادة الوجيه “بشير كوراني” في المنطقة نفسها. وقد اعتبر الهركي تدخل قوات النخبة الأمنية/العسكرية انحيازاً من مؤسسات الدولة لصالح عشيرة على حساب أخرى.

واندلعت المواجهات في القرى المحيطة بمدينة كلك، غرب العاصمة أربيل، عندما توجهت قوة أمنية لإلقاء القبض على خورشيد هركي، الذي رفض الانصياع وردّ مع أنصاره، ما أسفر عن سقوط قتيل وإصابة خمسة آخرين. وبعد ساعات، تدخل أعضاء من عشيرة هركي من القرى المجاورة، ما استدعى إرسال قوة أمنية إضافية، قال شهود عيان لصحيفة “النهار” إنها ضمّت أكثر من 300 آلية، واستمر التوتر والمناوشات طوال الليل، من دون أن تتطور إلى مواجهات مباشرة.

وأظهرت مقاطع مصورة نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي أن أبناء العشيرة قطعوا الطريق بين مدينة أربيل وبلدة كوير، جنوب غربها، قبل أن تتدخل الأجهزة المحلية لإعادة فتحه صباحاً. كما انتشرت مقاطع أخرى تدعو للحمية والدفاع عن عشيرة الهركي، وتوجّه اتهامات لبعض القادة الأمنيين المنتمين إلى عشائر أخرى بتأجيج الصدامات.

وأفادت معلومات “النهار” بأن قيادياً بارزاً في قوات البيشمركة، مقرّباً من زعيم الحزب الديموقراطي الكردستاني مسعود بارزاني، اتصل ليلاً بهركي، طالباً منه تسليم نفسه، متعهداً بتطبيق القانون العام من دون تحيّز. غير أن الأخير رفض ذلك، مطالباً بإلغاء أمر الاعتقال وحلّ المسائل العالقة وفقاً للأعراف العشائرية.
مصدر سياسي مطّلع شرح لـ”النهار” خلفيات هذه الأحداث، مرجعاً إياها إلى تطلعات بعض الزعامات المحلية إلى تولّي مواقع ذات صبغة سياسية من خارج الإطار الحزبي، والسعي إلى الهيمنة على موارد محلية. وقال: “فعلياً، تعود جذور النزاع بشأن ملكية الأراضي والسواقي المائية على نهر الزاب الكبير بين عشيرتي كوران وهركي إلى فترات سابقة، حيث كانت الأنظمة الحاكمة في العراق تستغلها لتأمين الولاء عبر منح امتيازات سياسية واقتصادية لزعماء محليين. ومنذ عام 1991 انتهى ذلك، وصارت القوانين تُطبق على الجميع. فالدور العشائري انحصر في الإطار الاجتماعي، في حين أن الآلاف من أبناء العشيرتين، وسائر العشائر، منخرطون في الأحزاب والقوات الأمنية ويتصرّفون وفق مقتضيات الصالح العام. لكن يظهر بين حين وآخر زعماء يسعون لتجاوز هذه المعادلة، ما يؤدي إلى صدام مع الجهات المكلّفة بتطبيق القانون”.

وفي تجارب سابقة، كانت النزاعات العشائرية تحلّ غالباً بتدخل زعماء عشائر أو قادة سياسيين محليين، ولم يسبق أن تطورت إلى صدام مباشر مع القوى الأمنية أو سقوط ضحايا، ما يثير مخاوف من تدخل بعض الأحزاب المعارضة للحزب الديموقراطي الكردستاني لاستغلال الحدث، أو من دخول جماعات مسلحة مقرّبة من الحشد الشعبي على خط التوتر.

وتحدثت الكاتبة والباحثة الاجتماعية مايا أحمد، لـ”النهار”، عن “التحوّل القبلي” في كردستان حالياً، مشيرة إلى أن “القبائل والعشائر كانت تاريخياً تنتقل من الفضاء الاجتماعي إلى السياسي في فترات الأزمات وتراجع نفوذ الدولة. وفي كردستان، كانت الأنظمة السابقة تدعم الزعامات العشائرية مقابل وقوفها ضد الحركة القومية الكردية، ما منحها امتيازات مالية خاصة”. وأضافت: “هذا النمط انتهى، مع بقاء بعض الامتيازات الاستثمارية من قبل حكومة الإقليم، مقابل تخلي الزعماء عن الطموحات السياسية المبنية على الانتماء العشائري. لكن في حالات التوتر، سواء بين الحزبين الرئيسيين أو في الأزمات الاقتصادية كما هو الحال اليوم، تضعف هذه الضوابط. ومع ذلك، فإن أفراد العشائر المنخرطين في أجهزة الدولة يظلون غالباً أقوى نفوذاً من الزعامات الخارجة عن سلطة الدولة”.



‫0 تعليق

اترك تعليقاً