مشروعهم في أوروبا يتخطى واجهتهم الزائفة، فخلف الكواليس ينشبون مخالبهم بهدف إعادة تشكيل المجتمعات من الداخل وبشكل بطيء لكنه محسوب.
ويرى خبراء فرنسيون أن أوروبا تواجه تمدداً غير مرئي لشبكات الإخوان؛ محذرين من أن أي تأخير في التصدي للجماعة قد يهدد فرنسا بـ«السيناريو البريطاني».
- «مفرخة» للفكر المتطرف بفرنسا.. هل يسقط «معهد الإخوان»؟
- خارطة طريق «جادة» لتجفيف منابع «الإخوان».. وهذه ركائزها
وفيما تسعى باريس إلى تضييق الخناق على ما تصفه بـ”التطرف الناعم”، تبرز بريطانيا كنقطة ارتكاز استراتيجية لحركات الإسلام السياسي في القارة العجوز، وفق ما أكده تقرير فرنسي حديث.
ويقول الباحث الفرنسي جان بيار فيليو، أستاذ العلاقات الدولية في معهد العلوم السياسية بباريس، إن “ما يجري في بريطانيا يجب أن يكون جرس إنذار لفرنسا”.
ويضيف فبليو، في حديث لـ”العين الإخبارية”: “نحن أمام ظاهرة تطور فيها الإسلام السياسي من جماعات ضغط إلى شبكات مؤسسية تعمل بهدوء على إعادة صياغة مفاهيم المواطنة والهوية. الفرق أن بريطانيا اختارت التعايش والتطبيع، بينما فرنسا بدأت متأخرة في المواجهة، وهذا ما يثير القلق”.
وتابع فيليو قائلاً: “الإخوان ليسوا مجرد حركة دينية، بل مشروع سياسي شامل يهدف إلى اختراق المؤسسات الديمقراطية، وإعادة تشكيل المجتمعات من الداخل وفقًا لرؤية أيديولوجية مغلقة”.
وأوضح أنهم “يستخدمون حرية التعبير كحصان طروادة، ويختبئون وراء خطاب الضحية، بينما يزرعون الشكوك حول قيم الجمهورية، والمساواة بين المواطنين، وحقوق المرأة”.
وبحسب الخبير الفرنسي، فإن “ما نشهده هو تهديد حقيقي لنموذج فرنسا المجتمعي، لا يقل خطورة عن العنف المباشر، بل هو أكثر خبثًا واستدامة”.
عدوى النموذج
بدوره، يرى الخبير الفرنسي المتخصص في الإسلام السياسي هوغ لوران من المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، إن “البيئة القانونية والمؤسسية البريطانية كانت أكثر ترحيباً بالمنظمات ذات المرجعية الإسلامية”.
ومستدركا، في حديثه لـ”العين الإخبارية”: “لكن المشكلة اليوم تكمن في انتقال النموذج البريطاني إلى باقي أوروبا، بما فيها فرنسا، عبر منظمات عابرة للحدود وشبكات تمويل لا تزال غير شفافة”.
وأضاف لوران: “الوهم بأن التطرف هو فقط عنف مادي يجعلنا نتجاهل أخطر أدوات الإسلام السياسي: التغلغل البطيء داخل المجتمعات الديمقراطية، مستخدمين مفردات الحرية والحقوق لتقويض قيم الدولة الحديثة من الداخل”.
ورأى أنه بينما تتجه فرنسا إلى فرض مزيد من القيود على التنظيمات المرتبطة بالإخوان والإسلام السياسي التي توصف بـ”المتطرفة والناعمة”، تبدو بريطانيا وكأنها تفتح الباب لتوسعها الهادئ.
واعتبر أنه مع غياب تعريف موحد على مستوى الاتحاد الأوروبي لهذه الشبكات، فإن “النموذج البريطاني” قد يتحول إلى ملاذ أوروبي جديد لها، “إذا لم تتدارك العواصم الأوروبية ما وصفه الخبراء بالاختراق الاستراتيجي البطيء”.
“تحول”
من جانبها، قالت مجلة “كوزر” الفرنسية، إنه “في تحول استراتيجي هادئ، أصبحت المملكة المتحدة رأس الحربة الأوروبية للتنظيمات الإسلامية ذات التوجه السياسي، لاسيما الإخوان”.
وأوضحت أنه من خلال الانتشار المنظم في أرجاء البلاد عبر الجمعيات والنقابات والمدارس والمعاهد، لا تسعى هذه الشبكات إلى فرض الفكر الإخواني بالقوة، “بل نشر الفكر بشكل تدريجي وناعم”.
ووفقاً للمجلة، فإن تاريخ “الإخوان” في بريطانيا هو في جوهره تاريخ شبكات متداخلة، تنمو وتتكاثر عبر تأسيس مؤسسات جديدة بانتظام”، موضحة أن هذه المؤسسات ترتبط ببعضها البعض من خلال اتفاقات رسمية، أو تحويلات مالية، وأحياناً فقط عبر علاقات شخصية.
ولفتت إلى أن شخصيات رئيسية تحتل أدوارًا متعددة في مؤسسات مختلفة، أو تتنقل فيما بينها، ما يعطي انطباعاً بتشابك أشبه بـ”نباتات زاحفة” زرعها في الأصل أعضاء بجماعة الإخوان.
وأشارت المجلة الفرنسية إلى أن هذا الغموض يزداد بسبب اندماج الشبكات البريطانية في شبكات أوسع على المستوى الأوروبي، غالباً ما لعبت فيها بريطانيا -كأرضية حاضنة- دوراً محورياً في التأسيس والتوجيه.
aXA6IDUxLjkxLjIyNC4xNDQg جزيرة ام اند امز